بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم ياكريم ..
تمضي الأيّام، ثمّ الأعوام.. فيُصبح من النواميس المطّردة تخليدُ ذكرى أربعين الإمام الحسين عليه السلام، وإحياء أمره العظيم في هذا اليوم المشهود، حتّى تُصبح هذه الذكرى من شعائر الله تعالى ومن أجزاء التاريخ التي لاتبلى ولاتندرس.
وللأربعين أصول وجذور، بل و"مرار.. فقد ورد عن النبيّ صلّى الله عليه وآله: إنّ الأرض لَتبكي على المؤمن أربعين صباحاً. وجاء عن الإمام الباقر عليه السلام: إنّ السماء بكت على الحسين أربعين صباحاً.. تطلع حمراء، وتغرب حمراء!
كما ورد عن الإمام جعفر الصادق عليه السلام قولُه: إنّ السماء بكت على الحسين عليه السلام أربعين صباحاً بالدم، وإنّ الأرض بكت عليه أربعين صباحاً بالسواد، وإنّ الشمس بكت عليه أربعين صباحاً بالكسوف والحمرة... وإنّ الملائكة بكت عليه أربعين صباحاً.
ولمّا كانت مزايا الإمام الحسين عليه السلام وفجائعه لاتُحدّ.. لم تتوقّف هذه السُّنّة الشريفة، وهي إحياء مناسبة زيارته من قِبل أسرته. قال الشيخ المجلسيّ: عن المناقب: ذكر الشريف المرتضى في بعض مسائله أنّ رأس الحسين عليه السلام رُدّ إلى بدنه بكربلاء من الشام، وضُمّ إليه. وقال الشيخ الطوسيّ: ومنه «زيارة الأربعين».
قم جدد الحزن في العشرين من صفر ... ففيه ردت رؤوس الآل للحفر
يازائري بقعة أطفاله ذبحت ... فيها خذوا تربها كحلا الى البصر
والهفتا لبنات الطهر يوم رنت ... الى مصارع قتلاهن والحفر
رمين بالنفس من فوق النياق على ...تلك القبور بصوت هائل ذعر
فتلك تدعو حسينا وهي لاطمة ... منها الخدود ودمع العين كالمطر
وتلك تصرخ واجداه وأبتاه ... وتلك تصرخ وايتماه في الصغر
بمناسبة الذكرى الأليمة أربعينية الامام الحسين (ع) نعزي صاحب العصر والزمان (عج) ومراجعنا العظام وعلمائنا الأعلام والأمة الاسلامية جمعاء.
يتجدد الحزن في نفوس المسلمين في العشرين من صفر من كل عام. ذكرى مرور أربعين يوماً على استشهاد أبي الأحرار الإمام الحسين عليه أفضل الصلاة والسلام
وتعتبر زيارة سيد شباب أهل الجنة في يوم الأربعين من علامات المؤمنين
فقد جاء في الحديث المروي عن الإمام أبي محمد العسكري (عليهما السلام) انه قال:
(علامات المؤمن خمس، صلاة الإحدى والخمسين وزيارة الأربعين و التختم في اليمين وتعفير الجبين والجهر بـ بسم الله الرحمن الرحيم).
وهذا من خصوصيّات المؤمن الموالي والمحبّ المخلص، يكون فيه علامةً تُميّزه عن عامّة الناس، إذْ زيارة الإمام الحسين عليه السلام في يوم أربعينه ممّا يدعو إليها الإيمانُ الخالص والولاء الخالص لأهل البيت عليهم السلام، ويؤكّدها الشوق الحسينيّ، ولايوفَّق إلى ذلك إلاّ خصوص المشايعين له والسائرين على منهاجه وأثره.
و إنما سمّيت بزيارة الأربعين لأن وقتها يوم العشرين من صفر وذلك لأربعين يوماً من مقتل الحسين (ع) وفي هذا اليوم كان رجوع حرم الحسين (ع) من الشام إلى كربلاء ، وفي هذا اليوم ردّت الرؤوس إلى الاجساد الشريفة. ويدل على وجود الرأس الشريف مع الجسد ، مجموعة أحاديث وفتاوى عن استحباب أخذ التراب من عند رأسه الشريف .
وهو اليوم الذي ورد جابر بن عبد الله بن حزام الأنصاري صاحب رسول الله (ص) من المدينة إلى كربلاء لزيارة قبر الإمام أبي عبد الله الحسين (ع) فكان أول من زاره من الناس، وذكر العلامة المجلسي (قدس سره) في بحار الانوار العلّة في استحباب الزيارة في هذا اليوم حيث قال: ولعل العلّة في استحباب الزيارة في هذا اليوم هو أن جابر بن عبد الله الأنصاري (رضي الله عنه) في مثل هذا اليوم وصل من المدينة إلى قبره الشريف وزاره بالزيارة الواردة.
الحسين أبن علي حبيب جابر .. منذ متى ؟
كان جابر يحب الحسين عليه السلام ويحمله على كتفيه وكان النبي صلى الله عليه واله وسلم إذا حمل الحسين عليه السلام وجاء جابر ورآه الحسين عليه السلام يرمي بنفسه عليه , وكان يقال له : حبيب الحسين ,
وهو من جملة من دخل الى الحسين عليه السلام يومئذ بمكة , وذلك لما أراد الخرج منها الى العراق , وقال له فيما قال : سيدي إن أهل الكوفة قد عرفت غدرهم بأبيك وأخيك , فقال : « يا عم يا جابر إن تكليفي من الله غير تكليفي أخي الحسن عليه السلام , ولو كان أخي الحسن عند أربعين رجلاً لما صالح معاوية , وها أنا ذا معي ما ينوف على الأربعين غير الذي يلحقونني » .
قال الراوي : فجعل جابر يبكي ويقول : سيدي بحق جدك ألا ما عدلت عن الوجه , لما رأى تصميم الحسين عليه السلام على الخروج الى العراق ودعه ودموعه تجري , ولما خرج الحسين عليه السلام من مكة خرج جابر الى البصرة , وجعل كل يوم يخرج خارج البصرة ويسأل القادمين من الكوفة عن الحسين عليه السلام , حتى استخبر بقتل الحسين عليه السلام فجعل يلطم وجهه ويبكي , ونام ليلته فرأى رسول الله صلى الله عليه واله وسلم في المنام وهو أشعث مغبر مكشوف الرأس , فقال : مالي أراك يا رسول الله أشعث ؟ فقال : يا جابر الان رجعت من دفن ولدي الحسين عليه السلام ,
ثم تجهز جابر للمسير الى كربلاء , فجاء ومعه الأعمش بن عطية وغلامه حتى وافى كربلاء يوم التاسع عشر من شهر صفر وبات عند قبر الحسين عليه السلام ليلته , حتى أصبح الصباح أقبل زين العابدين عليه السلام بعماته وأخواته من الشام , ولما لاح للهاشميات قبر الحسين عليه السلام وقبور الشهداء ألقين بأنفسهن على القبور ولسان حال الحوراء زينب عليها السلام يقول :
يا نـازلين بكربلا هل عندكم خبر بـقتلانا وما أعلامها
ما حال جثة ميت في أرضكم بقيت ثلاثا لا يزار مقامها
بالله هل رفعت جانزته وهل صلى صلاة الميتين أمامها
مكانة جابر عند أهل البيت (عليهم السلام) :وروي أنه دخل جابر يوماً على النبي صلى الله عليه واله وسلم فسلم عليه , فرد النبي عليه السلام , فقال : يا رسول الله أخبرني عن منزلة سلمان الفارسي , فقال صلى الله عليه واله وسلم : سلمان منا أهل البيت . ثم قال : يا رسول الله أخبرني عن منزلة عمار , فقال صلى الله عليه واله وسلم : عمار منا أهل البيت . فقال يا رسول الله أخبرني عن منزلة المقداد , فقال صلى الله عليه واله وسلم : المقداد منا أهل البيت . فقال : أخبرني عن منزلة أبي ذر , فقال صلى الله عليه واله وسلم : أبو ذر منا أهل البيت . ثم انصرف جابر , فصاح النبي صلى الله عليه واله وسلم , يا جابر أقبل إلي , فأقبل إليه فقال له النبي صلى الله عليه واله وسلم : سألتني عن هؤلاء الأربعة ولم تسألني عن نفسك ؟! فأطرق برأسه إلى الأرض حياء من النبي صلى الله عليه واله وسلم , فقال له : أخبرني عن نفسي يا رسول الله , فقال النبي صلى الله عليه واله وسلم : أنت منا أهل البيت ,
فلهذا انقطع جابر الى أهل البيت وحضر مع علي صفين , وكان من خواص أصحابه , وكان يحدث عن فضلائه ومناقبه .
ماهو الوقت المحدد للزيارة في يوم الأربعين :
وعن صفوان الجمال قال: قال لي مولاي الصادق (ع) في زيارة الأربعين تزور عند ارتفاع النهار وتقول: السلام على وليّ الله وحبيبه، السلام على خليل الله ونجيّه السلام على صفيّ الله وابن صفيّه السلام على الحسين المظلوم الشهيد، السلام على أسير الكربات، وقتيل العبرات...
إلى آخر الزيارة المعروفة والواردة عنه صلوات الله وسلامه عليه.
السلام على من غسله دمه ونسج الريح أكفانه والتراب الذاري كافوره والقنا الخطي نعشه
وفي قلب من والاه قبره السلام على الجسم السليب السلام على الشيب الخضيب السلام على
المحزوز راسه من القفا السلام على مسلوب العمامة والرداء السلام على الحسين وعلى علي أبن الحسين وعلى اولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين(ع) .
نسألكم الدعاء ..